انه في محاسبة رياضية بسيطة يستطيع أن يفهم أن هذه الدنيا وما فيها ليست كافية لاستيعاب طموحه ، فمن طموح الإنسان الخلود والاستمرار في الحياة ، انه لا يريد أن ينقلب الى العدم بعد الوجود ، وإذا كانت الدنيا قد خلقت لنا وخلقنا لها فلا أقل من أن نبقى خالدين فيها.
أحد الفلاسفة القدامى كان يقول : أنا مستعد أن يضعوني في جوف حمار ميّت ، وأظل أتنفس من دبره ، في مقابل أن أبقى حيّا في الدنيا!!
هذا الكلام غير منطقي ، ولكن يعبر عن نزعة حب البقاء عند الإنسان.
ولكن هل بقي أحد في الدنيا؟ كلهم أرادوا البقاء وكلهم ماتوا ، اذن فالدنيا ليست لهم ، وطموحهم هذا لن يتحقق فيها.
وبعيد عن حكمة الله ورحمته أن يخلق في كيان الإنسان رغبة لا تتحقق ، أو حاجة لا تلبى ، انه عند ما خلق العين خلق في مقابلها شيئا يرى ، وعند ما خلق الأذن خلق في مقابلها شيئا يسمع ، وعند ما خلق الجهاز الهضمي ، خلق في مقابله شيئا يؤكل ، وهكذا قل في سائر الحواس والأعضاء والغرائز ، وكذلك حينما خلق طموح الخلود ، والحصول على ملك لا يبلى؟ خلق وراءه حقيقة مناسبة له ، فما هي تلك الحقيقية.
انها جنة الفردوس في الدار الآخرة ، وهذا هو أبسط دليل وجداني على ضرورة البعث.
كلمات الله :
[١٠٩] (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً)