البينات والزبر :
[٤٤] عالم الطبيعة وعالم التاريخ وعالم الطب ومن أشبه ، لا يمكن تقليد أحدهم في شؤون الحياة مما يتصل بالدين ، بل عالم الدين الّذي تذّكر بالأدلة وعرف المحتويات.
(بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ)
البينات هي الشواهد الواضحة ، أما الزبر فانها الكتب التي تحتوي على العلوم الإلهية. ولان البينات قد جاءت في آيات قرآنية أخرى مقارنة بكلمة الهدى ، مثل قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) ، فإن معناها ـ حسبما يبدو لي ـ هو التفاصيل الواضحة للتعاليم السماوية ، بينما الهدى أو الزبر التي تحتوي عليه ، هي البصائر والإشارات (المحكمات) .. التي فصّلت بعضها فقط.
وبناء على هذا التفسير فإن كلمة بالبينات والزبر متعلقة بقوله تعالى : (أَهْلَ الذِّكْرِ) وقال البعض انها متعلقة بقوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا) وقال العلامة الطباطبائي : (أيّ أرسلناهم بالبينات والزبر ، وذلك ان المعنى في الآية السابقة ، أنما هي ببيان كون الرسل بشرا على العادة فحسب ، فكأنه لما ذكر اختلج في ذهن السامع انهم بماذا أرسلوا؟ فأجيب عنه فقيل بالبينات والزبر ، أما البينات فلإثبات رسالتهم ، وأما الزبر فلحفظ تعليماتهم). (١)
وأقول : كما أرسل ربنا رسوله بالبينات والزبر ، كذلك كان أهل الذكر يتذكرون بها ، علما بان المتعلق أقرب الألفاظ السابقة ، والأقرب هنا : الذكر ،
__________________
(١) الميزان ـ ج ١٢ ـ ص ٢٥٩ ـ وقريب منه في المجمع وغيرهما.