جرائمه بأنه لم يكن مهتديا للحق ، كلّا ... إذا ظهرت دعوة الى الحق فعليك أن تتفكّر من دون عصبية أو عزة ، وترى هل هي صادقة أم لا.
[١٨] يغفى الجاهليّون على حرير التبريرات غارقين في شهواتهم ، فإذا جاءهم نذير وقدم لهم الوعيد بأنّ عاقبة غفلتهم الدمار ، فإنّهم يتشاءمون منه ، ويزعمون أنّه يكدرّ عليهم صفو معيشتهم ، فمثلهم مثل مريض ، تفشّى في جسده مرض السرطان ، وهو لا يدري ، فإذا أخبره الطبيب وحذّره من مغبّة غفلته ثار عليه ، وقال : إنّك منكّد ، لماذا أنت سلبي؟
(قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ)
تشاءموا منهم ، وزعموا أنّ بيان سلبياتهم ، والدعوة الى إصلاح الفاسد من حياتهم ، هو سبب الإزعاج عندهم.
واحتمل بعض المفسرين أن يكون قد نزل عليهم البلاء عند بلاغ الرسل ، كما نزلت على فرعون وقومه آيات الدم والسنين و. و. ، ويبدو أنّنا لسنا بحاجة الى مثل هذا الفرض.
(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ)
هكذا بلغ عنادهم أسفل درك له حين هدّدوا المرسلين بالرجم لو لم يكفّوا عن دعوتهم ، وسواء كان الرجم هو جراحات اللسان التي لا تلتئم ، حيث توعّدوهم بتلفيق التهم المختلفة ورجمهم بها ، كعادة الطغاة والمترفين دائما ، أم كان معنى الرجم هو الرضخ بالحجارة حتى الموت ، فإنّ ذلك دليل على هزيمتهم أمام حجة المرسلين فتوسّلوا بإرهابهم.