(وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ)
لا رسالتكم ولا رسالة غيركم. وهكذا ازدادوا كفرا وطغيانا ، ولكن لماذا جيء باسم الرحمن هنا؟ هل لأنّ الرسل ذكروا هذا الاسم وهم يبيّنون لهم أنّ ربهم لا يتركهم بلا رسالة ، لأنه واسع الرحمة شديد العطف ، فقال الكفار كلّا ... ما أنزل الرحمن؟ أم لأنّهم زعموا أنّ رحمة الله تأبى إنزال التكاليف الشاقّة عليهم بالرسالة؟ يبدو أنّ الأوّل أقرب ، فيكون جوابهم مضمرا في حديث أنفسهم.
(إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ)
فلأن أصل الرسالة مرفوض عندهم فإنّ دعوة الرسل تكون ـ بزعمهم ـ مجرد كذب ، ولعل هذه الآية تدلّ على أنّ الرسل كانوا ينطقون عن الله مباشرة.
[١٦] الله تعالى أكبر شاهد على صدق رسله. أولم يودع في ضمير كلّ إنسان عقلا يهديه الى الحق؟ أولا يظهر على أيدي رسله الآيات؟! أو لا ينصرهم؟ أفلا تدل استقامتهم على صدقهم ، أنّهم واثقون تماما من أنّهم مرسلون وأنّهم لصادقون؟
(قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ)
ولكن لا يعني تحمّلهم لمسؤولية الرسالة أنّهم مسئولون عن موقف الناس ، إنّما جزاؤهم على ربّهم.
[١٧] (وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)
فإذا أبلغنا كم الرسالة بوضوح تام فقد انتهى دورنا وبدأ دوركم.
ونستوحي من الآية : أنّ البشر مسئول عن معرفة الهدى ، ولا يحقّ له أن يبرّر