عن هذا التطيّر.
(بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)
فإسرافكم هو السبب في الشؤم الذي أصابكم ، ولعل هذه الآية تتشابه وقوله سبحانه : «وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ». (١)
وذهب البعض الى أنّ الإسراف هنا بمعنى الإسراف في الجريمة والظلم ، وأنّه يتصل بتهديد الرجم.
[٢٠] وهنا تدخل المسرح صورة جديدة ، هي انعكاس الرسالة على قلب واع ونفس زكية ، ذلك الرجل المؤمن الذي وجد قومه أشرفوا على الهلاك بكفرهم ، فسارع إليهم يحذّرهم مغبّة رفض الرسالة.
(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى)
جاء في الروايات أنّه الصّدّيق حبيب النجار ، الذي بلغته الرسالة بالرغم من أنّه كان في أقصى المدينة ، وبادر الى النصيحة مع أنّه كان ـ حسب الروايات ـ راعيا ، ولعل كلمة «أَقْصَا الْمَدِينَةِ» تشير الى طبقته الدانية عند أولئك القوم ، كما تشير الى موقعه الجغرافي مما تدل على انتشار الرسالة في صفوف بعض المستضعفين ، الذين بالرغم من انهم كانوا يعيشون في أقاصي المدينة ، وليس في أعاليها حملوا مشعل الرسالة بكل قوّة.
ولعل تنكير كلمة الرجل للدلالة على اكتمال صفات الرجولة فيه من الهمة العالية ، والحزم الشديد ، والقول الثابت ، كقوله سبحانه : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ
__________________
(١) هود / (١١٦).