صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً».
وربما سعى الرجل سعيا لاهتمامه البالغ بالإنذار ، وحرصه الشديد على سلامة قومه ، وهكذا يحرص أصحاب النفوس الطيبة على أمن الناس ، ويتفانون في إبلاغ رسالات الله لإنقاذهم من عذابه المحتوم.
(قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)
لقد كان الرجل منهم ، وخاطبهم بما يتناسب ومقام النصيحة ، إذ قال : «يا قوم» ، وكشف منذ البدء عن إيمانه حين أمرهم باتباع المرسلين.
وروي أنه كان واحدا من الصّدّيقين الثلاثة في التاريخ ، فلقد جاء في كتاب «الدر المنثور» : أخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والديلمي عن أبي ليلى قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :
الصّديقون ثلاثة : حبيب النجار (مؤمن آل ياسين) الذي (قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)» ، وحزقيل (مؤمن آل فرعون) الذي قال : «أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ» ، وعلي بن أبي طالب ، وهو أفضلهم (١)
[٢١] ومضى الصّدّيق حبيب النجار في سرد حجج المرسلين قائلا :
(اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً)
فلا يمكن أن يتهموا بالكذب ابتغاء الأجر ، فهم ليسوا سحرة ومشعوذين ، ولا طلاب كراسي وسياسيين ، ولا أصحاب ثروة ومترفين ، فلما ذا يكذبون ، وإنّما يفتري الكذب ـ خصوصا في مثل هذه الدعاوي العظيمة ـ من يطلب أجرا من أيّ
__________________
(١) راجع تفسير الميزان / ج (١٧) / ص (٨٣).