وعند ما يعقد الإنسان العزم على محاربة الشيطان يتميّز في قلبه أكثر فأكثر نداء الغواية عن فطرة الهداية.
ثم يأتيه الوحي عبر رسل الله ورسالاته لتتمّ الحجة عليه ، فإذا بنداء الرحمن في قلبه يلتقي بندائه على لسان النبي وكتاب الله الذي أرسل به.
وهكذا يمتلك كل شخص مقياسين لمعرفة الشيطان. الاول : ما بقلبه من العقل ، والثاني : ما أوحي به الرسل.
(إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)
يسعى الشيطان لخداع البشر بأنّه صديقه ، وأنّ ما يشير إليه من الضلالة محض نصيحة ، وقد يسترسل البعض معه بحجة أنّهم خدعوا به ، ولكن ربّنا يقول : إنّه عدو واضح ، ولا عذر لأحد في اتباع عدوّه ، إلّا إذا خدع نفسه ، وسرّ عداوته أنّه يأمر بما يعلم الإنسان أنّه مضر.
أولا يأمر بالإسراف والتبذير ، وبالفحشاء والمنكر ، وبالاعتداء والظلم والبغي ، مما يستقبحه البشر؟! لا أقل عند ما يصدر من الآخرين ، ومما يرفض أيّ عاقل نسبته إليه.
كلّنا نعرف أنّ مآسي البشرية آتية من الظلم والعدوان والاستئثار والبخل والكسل والاختلاف ، ونحن جميعا نعرف أنّ ذلك هو من وحي الشيطان. أفلا نتخذه عدوا؟!
وعبادة الشيطان لا تعني السجود له ، إنّما طاعته بوعي ، والتسليم التام لإغوائه.