والملاحظ ان الآيات الكريمة تعرضت بالذكر لمجموعة غرائز في الإنسان بينها غريزة الاكل والشرب والجنس ، التي يجد الإنسان حوافز ودوافع داخلية وخارجية على اشباعها ، وربما اشبعها بالحرام ، وذلك تطميعا لنا فيها عند الله ، حتى نترفع عن الاكل الحرام المشوب بالذلة بذكر رزق الجنة وكرامته ، وعن الشرب الحرام بالرغبة في شرابها ، وعن اللّذة المحرمة بذكر حورها الحسان.
جاء في بيان دعائم الايمان على لسان الامام علي (ع) ما يدل على ذلك إذ قال :
«فمن اشتاق الى الجنة سلا عن الشهوات»
[٥٠] ويعرّج القرآن من الجانب الآخر ليطلعنا على حال المكذبين بالرسالات ، العاصين لله ، ليشجعنا ذلك الرجاء على الطاعة ، وليمنعنا هذا الخوف عن المعصية ، ويدخل السياق الى هذا الموضوع ، من خلال عرضه لجانب من حديث المخلصين الذين جلسوا على سررهم يستريحون لبعضهم البعض ، بالحديث عن النعيم الحاضر وعن الحياة السابقة.
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ)
والإقبال هنا دلالة على الاشتياق لبعضهم ، وللحديث الذي يدور بينهم.
[٥١] (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ)
يعني الرفيق.
[٥٢ ـ ٥٣] ولم يكن صالحا ، بل كان يدعو الى النار ، وليس شرطا ان الصديق الذي يعنيه القرآن بهذه الآيات هو الذي يصرح بكفره وضلاله فيدعو لنبذ الدين واقتراف المعصية ، بل يشمل المعنى كل قرين توحي رفقته وسلوكياته أو