ولعل هذه الحالة من النهم الى الزقوم والحميم في النار تجسيد لنهمهم في الدنيا بأكل اموال الحرام ، ومداومة الشراب الحرام ، أعوذ بالله منهما.
[٦٩ ـ ٧٠] وفي النهاية يصرّح السياق بالضغط التاريخي ، الذي يتسبب في إضلال الكثير من الناس.
(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ)
وكان يفترض فيهم ان لا يتبعوهم بل يبحثوا عن الحق ، وتوجّهنا الآية الى ضرورة المسيرة الواعية في حياة الإنسان ، حيث ينبغي له ان ينظر ويفكر فيها ، فيلتزم الحق عن وعي لا عن وراثة وعادة ، ثم ما يدري الفرد أو المجتمع ان مسيرته خاطئة والله يقول : «فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ» ، اي غذائه الجسمي والروحي ليتأكد من سلامته ، ولكن هؤلاء لم يتعبوا أنفسهم في البحث عن الحق ، انما اتبعوا الاباء وتأثروا بهم.
(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ)
ولم يقل القرآن يهرعون (بالفتح) ، لان حركة الإنسان باتجاه التقليد ليست حركة ارادية بصورة كاملة ، انما هي مجموع دوافع ذاتية ، وضغوط خارجية من الآخرين ، والآية تبين الضغط الذي يمارسه الاباء على أبنائهم لكي يتبعوهم.
فعلى الإنسان اذن ان يقطع السبب المباشر ، فهو إذا لم يتأثر بذروة الضغط التاريخي المتمثلة في الاباء فلن يتأثر بالجيل السابق ، وإذا لم يتأثر بذروة الضغط الاجتماعي المتمثل في الإقران فلن يتأثر بالمجتمع المعاصر ، والترفع عن هذه الضغوط ، هو الذي يسمو بالإنسان الى الخلوص التوحيدي.