وقال المفسرون : ان الضمير في شيعته يعود الى نوح (ع) ، فيكون المعنى ان ممن سار على دربه كان إبراهيم (ع).
وقال آخرون : إنّه يعود الى النبي محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ والواقع ان التشيع للحق ومتابعة رسل الله واحد ، فسواء نسب الى نوح (ع) أو الى محمد (ص) أو الى أوصيائه الطاهرين فانه نهج واحد وصراط مستقيم.
[٨٤] والقرآن يبيّن المعنى الحقيقي للتشيع ، الذي هو رفض الجبت الداخلي بالتوحيد الخالص ، ورفض الطاغوت الخارجي بمقاومة الانحراف الاجتماعي والسياسي والثقافي و... و... في الواقع القائم والذي هو صورة ظاهرية للجبت الداخلي ، ثم التسليم لله والتضحية والاستقامة في سبيله.
بلى. إنّ إبراهيم (ع) من شيعة نوح (ع) ، ولكن كيف وصل الى هذا المقام الرفيع؟
يجيبنا القرآن على ذلك ب :
(إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
وهو الذي سلم من كل الأمراض ، كالحسد والحقد والجبن والخوف ، والتي يسميها القرآن بالاغلال ، إذ يحدثنا عن اهداف بعثه رسول محمد (ص) فيقول : «وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ» (١) وهذه الأمراض والأغلال انما تتفرع من شجرة الشرك بالله ، وانما سماها القرآن بالاغلال والأصر تارة وبالمرض تارة أخرى ، لان الأغلال والأصر كما المرض كلها تقعد الإنسان وتكبل عقله وطاقاته الخيرة.
__________________
(١) الأعراف / (١٥٧).