حتى ولو بهذه الفكرة الباطلة في واقعها. فانه معذور عند الله ، ولكنه تعالى أبى ان يجعل الحق باطلا لا ريب فيه ، ولا الباطل حقا لا ريب فيه ، وذلك بما زرع في الإنسان من ضمير ، وبما وهبه من عقل ، وأنزل عليه من كتب ، وبعث له من رسل ، وجعلها جميعا فرقانا له في الحياة في كل أمورها وقضاياها.
(فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
إذا كانت مزاعمكم هذه تعتمد على دليل فأين هو الدليل؟
[١٥٨] وفي نهاية الدرس يعرّج القرآن على فكرة باطلة اخرى لينسفها نسفا وهي تأليه الجن.
(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً)
فعبدوا الجن ، وعبدوا السحرة والكهنة التي تدّعي الاتصال بها ، أو تتصل بها فعلا.
(وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ)
ولو كانت الجن آلهة كما يتصور المشركون ، لما أحضروا للعذاب كسائر العصاة من الخلائق وذلك يدل بوضوح على إنّهم مخلوقون وليسوا بآلهة. وذكر الله لحضور الجنة للعذاب يضرب أفكار المشركين في الصميم ، ذلك ان للشرك بصورة عامة جذر مشترك ، هو محاولة التخلص من المسؤولية ، عبر الاعتقاد بأشياء وقوى أنّها تخلص الإنسان من عذاب الله ، وإذا كانت الجنة لا تخلّص نفسها فكيف تنقذ البشر.
[١٥٩] وتعالى الله وتنزه عن هذه الأفكار المنحرفة.