(وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ)
ووجود علاقة السلام بينك وبين المرسلين دليل على المسيرة الواحدة ، والتوافق في الحياة ، وقبل أن يسلم الإنسان على الرسل يجب أن ينظّف قلبه ليرتفع إيمانه إلى هذا المقام العظيم ، والذي لا يطهر نفسه وعقله وسلوكه ، وبالتالي يسير على خطى الأنبياء ، فإنهم بريؤون منه ، لأنه حينئذ يحارب فكرهم بفكره المنحرف ، وقيادتهم بطاعته للطاغوت ، وخطّهم بالانتماء إلى الخطوط المضادة لرسالات الله.
[١٨٢] وإذا كانت انطلاقه الإنسان بالتسبيح الحقيقي لله ، ومسيرته وحركته مستوحاة من رسالات الأنبياء ، والتأسي بهم ، فان العاقبة ستكون حسنة ، تدفع الإنسان نحو الشكر والحمد على ما سيلقاه من هدى وبركة وجنان نتيجة ذلك ، ذلك أن نهاية المسيرة في سبيل الله هي الطمأنينة والرضى ، وقد أشار لها تعالى إذ قال : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (١) وقال أيضا : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (ولا تطمئن النفس الا بذكر الله) (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) (٢) وعموما فان المؤمن بطبيعته الرسالية يكون راضيا بقدر الله وقضائه ، ايمانا منه بأن ما يختاره له الله بحكمته أصلح مما يتطلع إليه ، فهو يحمده في الشدة والرخاء.
(وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)
وفي هذه الآية إشارة إلى أساس علاقة الإنسان بالآخرين من البشر ، فهي لا تشبه علاقته مع الله ولا مع الأنبياء ، ولكنها علاقة الإحساس الواحد بالعبودية لله.
وقد وردت الروايات مؤكدة على استحباب قراءة هذه الآيات الثلاث في نهاية
__________________
(١) الضحى / (٥).
(٢) الفجر / (٢٧ ـ ٢٨).