انطلاقا من مقاييسهم المادية.
ويعالج القرآن هذه الحالة ببيان حقارة ما يملكون (من قوّة ومن غنى) إذا قيس بملك السموات والأرض ، وبخزائن رحمة الرب العزيز.
أما خاتمة السورة فتذكرنا بقصّة إبليس الذي رفض السجود لأبينا آدم (ع) اعتزازا بعنصره الناري ، وكيف أن هذه العزّة الآثمة كانت وراء هلاكه وهلاك تابعيه إلى يوم القيامة ، حيث يحشرون في نار جهنّم حشرا.
وبين تلك الفاتحة وهذه الخاتمة يسرد السياق نمطين من القصص :
الأول : قصص المكذّبين الهالكين يشير إليها مجرد اشارة ، بينما يفصّل القول في النمط الثاني الذي وهب الله لهم الرب ملكا واسعا ، وثروة عريضة ، ولكنهم لم يغتروا ولم يشاققوا الله بها كداود وسليمان ، ثم إبراهيم واسحق ويعقوب ، ويبيّن انهم فازوا بنعيم الدنيا وحسن ثواب الآخرة ، بالإضافة إلى الذكر الحسن عبر التاريخ ، وفي مقابل هؤلاء يذكرنا السياق بمصير المكذبين الذين اقحموا في نار جهنم ليتخاصموا مع بعضهم ، وبالذات يتخاصم التابعون مع المتبوعين.
ومن خلال قصص الأنبياء وتقديرهم ، وبيان الحكومات العادلة التي أقاموها في الأرض ، وبالذات قوله ـ عز وجل ـ لداود (ع) : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ).
ومن خلال بيان هلاك إبليس بسبب رفضه السجود لآدم (ع) ، وبيان هلاك المستضعفين بسبب تسليمهم للمستكبرين نستطيع ـ من خلال كلّ ذلك ـ أن نعرف أن مراد السورة بيان زيف السلطات القائمة على أساس القوة والثروة ، وسائر القيم المادّية الأخرى ، وضرورة إقامة حكومة العدل الإلهية القائمة على أساس أمر