أم حدود الوطن؟ كذلك حين كان الجاهليون يعبدون الأصنام التي كانت ترمز إلى عصبياتهم العشائرية فانما كانوا يعبدون قيم العشيرة.
وهذا نستنتجه من التدبر في الآيتين (٢+ ٥) ففي الوقت الذي يذكر القرآن الشقاق في مجتمع الجاهلية في الآية الثانية ، يشير هنا إلى تعدد الآلهة فيه ، وفي نصوص التاريخ نجد أنه كان في الكعبة وحدها (٣٦٠) صنما لكل قبيلة صنمها المختص بها ، ولكي يجمع النبي الناس ويوحدهم طرح رسالته التوحيدية كبديل عن الأفكار الشركية ، وكسر الأصنام لأنها كانت رمزا للتفرقة (الشقاق) والعزّة.
ولعل أحدنا يستنكر على الكفار والمشركين رفضهم لتلك الرسالة التوحيدية ، ولكننا نجد اليوم وبعد (١٤) قرنا ، أناسا يسخرون ممن يطرح في ـ الساحة الاسلامية ـ كسر الحدود المصطنعة التي أوجدها الاستعمار بيننا ، وهي لا تعدو أن تكون بدائل عن الأصنام التي علقها الجاهليون في الكعبة وليس رفض هكذا دعوة يأتي بسبب أن الرافضين لا يجدونها حقة ، وانما لاعتزازهم بالواقع الفاسد ، حيث تقوم دولة على كل قطعة أرض ويرتفع علم ويتسلط حاكم مغرور.
[٦] ولا شك أن أول من يسعى للإبقاء على الواقع القديم برموزه الصنمية هم أصحاب الوجاهة الاجتماعية ، والصدارة السياسية ، والثروات المسروقة لأنهم انما يستعبدون الناس ، ويمتصون جهود المجتمع من خلال هذا الواقع الفاسد ، فاي محاولة للتغيير تعني تقويض مصالحهم وهكذا تراهم يهبون للدفاع عنه ، ومحاربة الفكر الجديد ، بشتى الاساليب ومن أبرزها اثارة العزّة بذلك الواقع.
(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ)
وهم المستكبرون في المجتمع ، والذين يقودون المعارضة ولا زالوا ضد الأنبياء