أبعدها ، وكانت هذه التسمية للهروب من ضغط المعجزة.
والواقع : إن ذات اتهام المشركين للرسالة بأنها سحر شاهد على صدقها ، إذ انه دليل على أن الرسالة كانت ذات جاذبية تشبه في قوتها جاذبية السحر عندهم ، كما انها كانت خارقة ذات ايات عجزت قواهم البشرية عن الإتيان بمثلها ، مما دعاهم للافتراء عليها بأنها سحر.
فاذا عرفنا مدى الفرق بين السحر والرسالة في أن الساحر لا يفلح ، وانه لا يبني حضارة ، وأن كلامه لا يكون موافقا للعقل والفطرة ، بينما الرسول يعكس ذلك كله ، عرفنا كيف كان اتهامه بالسحر دليل صدقه.
[٥] ويهدينا القرآن مرّة أخرى إلى شذوذ الكافرين (شقاقهم) وعزتهم ، بالاشارة إلى اعتراضهم على دعوة النبي التوحيدية ، فمع أن الوحدة حق يهتدي إليه الإنسان بفطرته وتتطلع إليه الأمم المتحضرة ، ولكنهم يرفضونها اعتزازا بواقع التمزق القائم عندهم.
(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ)
ومن الآية نستوحي بأن التوحيد ليس هداية للناس للحق وحسب ، بل هو العلاج الحقيقي للفرقة ، ذلك أن منشأ التفرقة في أيّة أمة هو الشرك الكلي أو الجزئي فهذا الفريق انما ينشق عن البقية لأنه يؤمن بفكرة وقيادة ما فالرايات القبلية ، والعصبيات العشائرية ، والحدود الجغرافية ، والمصالح القومية ، والاختلاف العنصري والطائفي ، وما أشبه كل أولئك عوامل اختلاف الناس وشقاقهم ، وإذا أمعنت النظر رأيت كل واحد منها ينتهي إلى تقديس شيء من دون الله ، وانما الآلهة رموز تلك المقدسات. أرأيت الناس حين يقدسون العلم الوطني يعبدون قطعة قماش