القرآن لكي يذهب بنا الخيال إلى كل تلك المفردات لندائهم الميأوس.
ولكن ذهب وقت الفوت. أو ليست الفرصة قد فاتته إلى الأبد؟! وتلك عاقبة الاعتماد على القوة ، والاعتزاز بغير الحق ، فهذه الأمم اعتمدت على منطق القوة في الحياة ، ورفضت الخضوع إلى المنطق والحق ، وغفلت أن للحق قوة لا تحد هي قوة الله عزّ وجلّ ، وقد أبى الله تشريعيا وتكوينيا أن ينتصر الباطل على الحق وأن تكون العاقبة إلّا في صالح الرسالات وحملتها.
[٤] وللتمثيل على عزّة الكافرين وشقاقهم ، وصدودهم عن الذكر والموعظة ، يحدثنا عن واقع المشركين وموقفهم من رسالة الإسلام.
(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ)
لأنهم كانوا يتصورون الرسول يختلف عن الناس ، فكفروا به إذ لم يتفق مع مقاييسهم التي تريد الرسول قويا وذا مال كثير لا أن يكون من وسطهم الاجتماعي ، وطبقتهم المالية وهذا التصور ناتج عن اعتزازهم بالقوة والمال لا بالحق ، فهما عندهم القيمة الاساسية في الحياة. ولان منطقهم أضعف من أن ينال من قيم الرسالة استشكلوا على الرسول ، ليس في أخلاقه فهو باعترافهم جميعا كان في الذروة ، ولكن على وضعه المادي والاجتماعي. ولم يكن هذا التبرير كافيا لرفضهم قيادته وزعامته فقد جاءهم بالحق والآيات ، ولا بد لهم من تبرير آخر ليتهربوا من المنطق الحق المتمثل في رسالته ، فصاروا من العجب إلى الكفر.
(وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ)
واختاروا كلمة ساحر لان السحر أقرب الأشياء للحق ظاهرا ، وإن كان واقعا