الاغلبية منشقة عنه ، لان المقياس هو الحق وليس الناس. ولو أنه درس الحياة لاطمأن إلى خطه ، لأنه حينئذ سيجد الكون بما فيه من خلق وسنن يسيران معه ، وكذلك لو قرأ التاريخ لاهتدى إلى نفس الحقيقة ، وحتى المجاميع التي يعاصرها سوف تخضع لله شاءت أم أبت ، وإذا لم تختر ذلك عن وعي وارادة حرة ، فسوف تجبر عليه بإرادة الله وبسننه التي أجراها على الخلق أجمعين.
ولكي نؤمن بهذه الحقيقة يدعونا ربنا إلى النظر في التاريخ ، فهو مليء بالشواهد الدامغة عليها ، فأولئك الذين رفضوا رسالات الله ، ولم يخضعوا لها ولرسله أهلكهم ولم تغن عنهم قوتهم شيئا.
(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ)
القرن الناس الذي يعيشون مقارنين مع بعضهم زمانا ومكانا ، وكم أداة استفهام تدل هنا على الكثرة. والله إذ ادخل هذه الاداة في التعبير أراد أن يهدينا الى أن هذه السنة لم تتجل مرّة واحدة وحسب فالتاريخ كله شواهد عليها وكانت هذه السنة الالهية جديرة بأن تتعظ بها الأمم إلا أنها تكتشف خطأها متأخرا حين لا تنفع التوبة.
(فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ)
قالوا : لات كان في الأصل لا (لنفي الجنس أو المشبهة بليس) ثم أضيفت إليها التاء لتأكيد النفي كما تضاف إلى ثم ورب لذات الغاية.
والمناص المنجا والغوث يقال ناصه ينوصه إذا أغاثه.
هكذا يصور القرآن وضعهم حين ينادون بالاستغاثة والتوبة والتألم ولقد أطلق