وامر الريح فحملتهم حتى ورد ايوان كسرى في المدائن ، ثم رجع فبات بإصطخر ، فاضطجع ثم غدا فانتهى إلى مدينة بركاوان ، ثم أمر الرياح فحملتهم حتى كادت اقدامهم يصيبها الماء ، وسليمان على عمود منها ، فقال بعضهم لبعض : هل رأيتم ملكا قط أعظم من هذا أو سمعتم به؟ فقالوا : ما رأينا ولا سمعنا بمثله ، فناداهم ملك من السماء ثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم مما رأيتم» (١)
[٣٧] وإلى جانب الريح أخضعت له الشياطين وكانت مهمتهم البناء والاعمار وكانوا يستخرجون المعادن من البحار.
(وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ)
وليس بالضرورة أن يكون المقصود من الغوص المعنى المتعارف فقط ، وهو النزول إلى قعر البحر للصيد واستخراج الطاقات الكامنة فيه ، بل تنسحب الكلمة كما كلمة البناء على المعنى المتقدم أيضا.
[٣٨] وكان سليمان يوزع المهام على الشياطين ، فيعملون كيفما يريد ، ومن يتمرد فانه يجازى بالسجن.
(وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ)
ويبدو من الآية أن الشياطين كانوا يصفدون جماعات جماعات فيقرن بعضهم بعضا ، ويحتمل أنّهم كانوا يعتقلون كل فرد مع قرنائه في المعصية والمخالفة. المهم أن سليمان بهذه السيطرة والهيمنة على الجن نسف الأفكار الجاهلية حول ألوهيتها.
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٤٥٩).