عن طريق آخر. فاذا خسر وسيلته أو فشل فيها فليبق على أهدافه وإرادته ، لأنه بجهده وتحركه واستقامته قد يحصل على ما هو أفضل مما فقده ، أو فشل المرات الماضية في الوصول اليه وتحقيقه ، هذا إذا نظر للهزائم والنكسات التي تمر عليه في الحياة نظرة موضوعية ، فهي حينئذ ستزيده قوة ومناعة ضد الهزائم ، وإصرار على تسخير الحياة بصورة أفضل ، وعلى ضوء التجارب الماضية.
وهذا أيوب (ع) يزداد إصرارا على خطه في الحياة ، كلما تفاقم بلاؤه ، دون أن يستجيب الى وساوس الشيطان ، التي كانت تستهدف أضعاف إرادته والنيل من ايمانه وتقواه. ولنقرأ هذه الرواية التي نقلها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار. قال :
وقال الحسن : «مكث أيّوب مطروحا على كناسة في مزبلة لنبي إسرائيل سبع سنين وأشهرا يختلف فيه الدوابّ ، وقال وهب : لم يكن بأيّوب أكلة إنّما يخرج منه مثل ثدي النساء ثمّ تتفقّأ ، قال الحسن : ولم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقربه غير رحمة صبرت معه تصدّق ، وتأتيه بطعام وتحمد الله تعالى معه إذا حمد ، وأيّوب على ذلك لا يفتر من ذكر الله والثناء عليه والصبر على ما ابتلاه ، فصرخ عدوّ الله إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطار الأرض جزعا من صبر أيّوب ، فلمّا اجتمعوا إليه قالوا : ما أحزنك؟ قال : أعياني هذا العبد الّذي سألت الله أن يسلّطني على ماله وولده ، فلم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزد بذلك إلّا صبرا وثناء على الله تعالى ، ثمّ سلطت على جسده وتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل لا يقربه إلّا امرأته فقد افتضحت بربّي فاستغثت بكم لتعينوني عليه ، فقالوا له : أين مكرك؟ أين علمك الّذي أهلكت به من مضى؟ قال : بطل ذلك كلّه في أمر أيّوب فأشيروا عليّ ، قالوا : نشير عليك ، أرأيت آدم حين أخرجته من الجنّة من أين آتيته؟ قال : من قبل امرأته ، قالوا : فأته من قبل امرأته فإنّه لا