فقطعتها ودفعتها إليهم ، وأخذت منهم طعاما لأيوب ، فلما رآها مقطعة الشعر غضب وحلف عليها أن يضربها مأة ، فأخبرته انه كان سببه كيت وكيت ، فاغتم أيوب من ذلك فأوحى الله عزّ وجلّ إليه «خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ» فأخذ عدقا مشتملا على مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه (١)
[٤٥] وبعد أن اختتم السياق قصة أيوب وصبره ، واستقامته امام كل الضغوط ، شفعها بالدعوة الى ذكر بعض الأنبياء والتفكير في تاريخهم لاخذ العبر والدروس منه ، إذ ينبغي للرساليين أن ينظروا في تاريخ قادتهم وإخوانهم الذين سبقوهم ، ويلاحظوا معاناتهم واستقامتهم لله ، فان ذلك يزيدهم ايمانا بخطهم الرسالي ، وثقة بأنفسهم وتحركهم واستقامة على الطريق.
(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ)
ما يحتاجه الإنسان لبلوغ التكامل القوة والرؤية ، فبقوته يحقق ما يراه. ويبدو أن ظاهر الآية يدل على وجود الأيدي (القوة) عند الأنبياء والأبصار (الرؤية) الّا أن باطنها القوة في الايمان ، والبصيرة في الدين ، وهكذا جاء في الحديث المأثور عن الامام الباقر عليه السلام قال :
«أولوا القوة في العبادة والبصر فيها» (٢)
والجدير بالملاحظة أن ربّنا اكتفى هنا بالدعوة الى تذكر هؤلاء العظماء ، دون أن يعرض لنا مشاهد من حياتهم نعتبر بها ، وهكذا في موارد كثيرة من القرآن ، وذلك لاسباب :
__________________
(١) المصدر / ص (٤٦٦).
(٢) المصدر ص (٤٦٧).