[٥٢] ومن أعظم ما يستلذ به المؤمنون في الجنة هم الحور العين ، ولعل تركيز القرآن على ذكر الحور في حديثه عن ثواب المؤمنين ، ينطلق من أن أصعب الفتن التي يتعرضون لها في الحياة الدنيا هي فتنة الشهوة الجنسية ، ولكي يتجاوزوا إغراءها وضغطها يذكرهم الله بعاقبة ذلك ، حيث الظفر بالحوريات في الجنة.
(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ)
فهن لا ينظرن الى غير أزواجهن ، وينظرن الى الأرض احتراما لأزواجهن وتواضعا. وهن أتراب اي المتماثلات سواء في السن ، أو في كونهن أبكار غير مطموثات ، ويقال فلانة ترب لفلانة إذا أريد التساوي بينهما في العمر ، وهكذا يتساوى عند المؤمن الميل الى كل واحدة دون تفضيل واحدة على الاخرى لأنهنّ جميعا القمة في الجمال والروعة.
[٥٣] ثم أن الله يدعونا للعمل والاستقامة في سبيله ولكن بطريق غير مباشر وذلك حينما يعدنا بالجزاء المتقدم الذكر.
(هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ)
ولان المسافة بين هذا الثواب والإنسان تتمثل في الايمان وعمل الصالحات ، فان الآية تشتمل طبيعيا على الدعوة الى ذلك. وقد استخدم القرآن كلمة الحساب تأكيدا لهذه الحقيقة ، ولو كان الجزاء يحصل بلا عمل فلما ذا الحساب إذن؟!
[٥٤] ويتميز نعيم الآخرة عن نعم الدنيا ، ذاتيا بالتنوع والجودة ، وزمنيا بالخلود ، فالنعمة تزداد وتتجدد دائما.
(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ)
وما دام الله باق فان رزقه للمؤمنين لا ينتهي.