الله كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله تعالى» (١).
(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
قالوا : إنّ ذلك تهديد مبطّن لأولئك القوم حيث إنّهم سوف يسألون عن أفعالهم وأقوالهم ويحاسبون عليها حسابا عسيرا ، ولا يجوز لهم ـ إذا ـ الاسترسال في نسبة الأولياء إلى الله واعتبارهم شفعاء من دون إذنه سبحانه.
ولعل الآية تشير إلى ما اشتهر بين الأمم من تقديس العظماء ونسبتهم إلى ربّ العزة ، كالاعتقاد بأنّ هذا الملك أو ذاك السلطان هو ظل الله في الأرض من دون الرجوع إلى القيم الإلهية ، والمقاييس الرسالية ، بينما ليس كل من أوتي فضلا يصير وليّ الله بل الذي يعبد الله حقا ويتبع رسله صدقا.
ونتساءل : ما هي الحكمة في بيان هذه الحقيقة هنا؟
إنّ الناس يزعمون انهم لو نسبوا إلى الله أمرا كذبا وجب على الله ردعهم بصورة غيبية ، كأن ينزل عليهم صاعقة أو لا أقل ملكا ينذرهم ، وإذ لم يفعل مثل ذلك فهم على حق ، ولعله لذلك يؤكد ربنا أنه لا يهدي الكذبة والدجّالين والذين يكفرون بنعمه ومن أبرزها نعمة الرسالات التي أنزلها بمنّه ، فليظلّوا في ضلالتهم حتى يذوقوا الجحيم جزاء كذبهم وكفرهم بأنعم ربهم.
وهكذا بيّن ربنا أولا : أنّ أهواءهم بعيدة عن الحق الذي عند الله حيث يحكم بينهم يوم القيامة ، وبيّن ثانيا : أنه لا يهديهم فهم المسؤولون عن ضلالتهم بكذبهم وكفرهم.
__________________
(١) الإحتجاج للطبرسي / ص (٢٦).