ولقد اخترعت أهواء الناس أفكارا باطلة لتوجيه هذه العقائد ، فقالوا بنظرية الفيض ونظرية الحلول والغنوص ، لتبرير تقديسهم لبعض العناصر وتأليههم لبعض الناس ، قالوا بأنّ الله ـ سبحانه وتعالى عما يشركون ـ كالشمس تفيض منها الأشعة ، وكالبحر تتصاعد منه السحب ، أو الينبوع تجري منه الروافد ، أو أنّه سبحانه يتنزّل إلى مستوى خلقه فيحل في أوليائه حلولا حتى يقول أحدهم في إحدى شطحاته الكفرية : ليس في جبّتي سوى الله.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ)
[٤] ويسفّه الله أحلامهم ويؤكد بأنّه لا ولن يتخذ ولدا ، وحتى لو اتخذ فإنّه هو الذي يصطفيه اصطفاء.
(لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ)
ونستوحي من الآية الحقائق التالية :
أولا : إنّ اتخاذ الولد لو تمّ (وهو لا يتم) فليس عبر أولئك الكذبة ، بل الله وحده صاحب هذا الحق ، إنّه لو تم يكون ولده وليس ولدهم ، فهو يختاره دونهم ، ولا يحق لأيّ كافر أن يقول : فلان ابن الله وأقرب الناس اليه ، من دون سلطان له على ذلك.
ثانيا : إنه لا يتم ـ لو تمّ إنجاز الولد ـ بسبب علاقة نسبية بين الله سبحانه وبين بعض خلقه ، إذ كل شيء مخلوق لله ، ولا تفاضل في أصل الخلق بين شيء وشيء ، فليس بعض الخلق مارس الله حين أنشأه لغوبا ، بينما خلق بعض الأشياء بيسر وسهولة ، كلّا ... ولا هناك مراتب في الخلق كما زعمت الفلاسفة بلا حجة ، إنما يكون عبر الاصطفاء.