ثالثا : إنّ الاصطفاء الإلهي يكون عبر القيم الإلهية لا تفاضل الجوهر إذ أن الأشياء كلّها مخلوقات فلا حاجة له إلى واحد منها لأنّه كان قبل أن يكون أي شيء فكيف يحتاج إلى شيء لم يكن من الأزل ، بل كيف يحتاج إلى شيء هو في وجوده يحتاج إلى خالقه سبحانه؟!
وإنما استوحينا هذه البصائر بالترتيب من الكلمات الثلاث في الآية «يتخذ» و «اصطفى» و «مما يخلق».
(سُبْحانَهُ)
عن نسبة الشريك إليه أو عن اتخاذ الولد حتى من بين خلقه اصطفاء.
(هُوَ اللهُ الْواحِدُ)
فلا يتجزّأ بالإفاضة ولا بالتنزّل ولا بالحلول ، ولا يتجلّى في الشمس والقمر والنجوم والسهل والجبل والشجر والبحر والأحياء ... كما ادّعاه الضالون من أنصار وحدة الوجود.
«قام أعرابي إلى الإمام أمير المؤمنين في بحر معركة الجمل الطاحنة وقال له : يا أمير المؤمنين : أتقول : أنّ الله واحد؟
فحمل الناس عليه وقالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب؟
فقال أمير المؤمنين : دعوه فان الذي يريد الأعرابي هو الذي نريده من القوم ، (أي أنّنا نخوض الحرب من أجل بيان هذه البصائر).