ولعل معرفة الأحرف المتقطعة في فواتح السور تعتبر مفاتيح لفهم أسرار كتاب الله.
[٢] القسم يربط ـ اعتباريا ـ بين حقيقة يرد التأكيد عليها ، وحقيقة مؤكدة فعلا ، فإذا حلفت بالله سبحانه على أنّك تفي بوعدك ، فقد ربطت بين إيمانك بالله كحقيقة ثابتة ، وبين الوفاء بالوعد تريد التأكيد عليه.
وإذا كانت هنالك صلة حقيقية بين أمرين ، وكان أحدهما شاهد صدق على الثاني ، فإنّ القسم يكون أبلغ وآكد ، ولعل كلّ ما في القرآن من حلف هو من هذا النوع. أليس القرآن كتاب حقّ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ وهكذا ينبغي البحث دائما عمّا يوصل بين طرفي القسم ، وهو في الأكثر صلة الحجة والشهادة.
وهنا يحلف الذكر بالقرآن الحكيم على رسالة النبي. أو ليس القرآن أكبر شاهد على رسالته؟ أو ليس المعجزة التي لا تفنى ولا تنتهي غرائبه ، الجديد أبدا الذي يسبق الحياة دائما.
(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)
ترى أيّ صفة في القرآن تجعله أكبر شاهد على الرسالة؟ هل هي بلاغته التي أخرست العرب الذين زهوا ببلاغتهم وسمّوا أنفسهم عربا لأنّهم أعربوا عمّا يختلج في ضمائرهم؟
أم لأنّه جاء على يد نبيّ أميّ ما عهد القراءة والكتابة؟
أم لأنّه تنبّأ بالمستقبل فلما تحققت أنباؤه عرف الناس صدقه؟