ب / وتساءلوا : ماذا يعني «استوى» فقالوا : إنّ ربّنا قصد وتوجّه الى السماء ، ويبدو لي أنّ كلمة الإستواء تعني معنى القيام والاهتمام والقصد (بإضافة معنى إلى) والهيمنة ، وكلّها مرادة في هذه الجملة ، ولكن بالطبع من ملاحظة استخدام الكلمة في مقام الربوبية المقدّس عن أيّة همهمة أو تجوال فكرة أو حركة ، سبحانه.
ج / ثم تساءلوا عن الدخان فقالوا : إنّه غازات ، وإذا قلنا بأنّ المراد من الآية كلّ ما في السماء ، فإنّ الآية تشير الى المرحلة السديمية السابقة لتكوّن الأجرام الفضائية ، حيث تجمّعت وتركّزت بعد ذلك في صورة نجوم ، ولا تزال كميات كبيرة منها منتشرة في الفضاء يقدّرها الخبراء بمثل الكمية التي خلقت منها النجوم ، ولا تزال النجوم تكنس الفضاء من هذه الجزئيات السديمية باجتذابها إليها ، ولكنّها أكثر بكثير من قدرتها على الجذب!!
(فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)
ولماذا لا تستجيب السماء والأرض لمشيئة الله الذي خلقهما بفضله ، وأودع فيهما آياته ، وجعلهما محلّا لعبادة المكرّمين من ملائكته وأرواح أوليائه ، بلى .. إنّهما وسائر الكائنات تستجيب للرب طواعية ، سعيا وراء مرضاته ، وامتنانا لرحماته ، وشكرا لبركاته ، قبل أن تستجيب له خشية غضبه ، ومخافة سطواته ، وقد تقول : تجلّي رحمة الله في الخلائق أبهى من تجلّي عزّته ، وقد سبقت رحمته غضبه ، سبحان الله ربّ العالمين.
ولعلّ الآية تشير الى أنّ ربّنا كان يجري سننه في الخليقة شاءت أم رفضت ، ولكنّها خشعت لأوامر الله طوعا لا كرها!! فجرت سننه فيها بلا إكراه .. ويا ليتنا وعينا عبرة هذه الحقيقة ، وأجرينا أحكام الله على أنفسنا طوعا ورغبة في مرضاة الله.