منيته.
يقول الإمام السجّاد (ع) وهو يناجي ربه :
«إليك شوقي ، وفي محبتك ولهي ، وإلى هواك صبابتي ، ورضاك بغيتي ، ورؤيتك حاجتي ، وجوارك طلبي ، وقربك غاية سؤلي ، وفي مناجاتك روحي وراحتي ، وعندك دواء علتي ، وشفاء غلتي ، وبرد لوعتي ، وكشف كربتي (الى أن يقول :) ولا تبعدني عنك ، يا نعيمي وجنتي ، ويا دنياي وآخرتي» (١)
وهذه النفس الواسعة التي تتطلّع الى امتلاك الدنيا وتزيد قد تضيق بها الآفاق حتى يطبق عليها اليأس من أطرافها. أو ليس ذلك دليلا على فقر البشر ، وشدّة حاجته ، وسفاهة تكبّره على ربه.
(وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ)
ولعلّ اليأس هو قطع الأمل قلبيّا ، بينما القنوط هو التوقّف عن السعي بسبب اليأس ، والكلمتان مثل لفظتي الليل والنهار إذا اجتمعتا تفرّقتا ، وإن تفرّقتا اجتمعتا ، فلو استخدمنا لفظة اليأس فقط أعطت معنى القنوط ، وهكذا العكس ، ولكن حينما نستخدمهما فإنّ لكل واحدة منهما معنى.
وقال البعض : يئوس شدة اليأس من الخير ، وقنوط من الرحمة ، وقال : اليؤوس من إجابة الدعاء ، قنوط يسيء الظن بربه. (٢)
[٥٠] ومن تسوّلات النفس في الهروب من المسؤولية والإعراض عن آيات الله هو الغرور بالنعم ، ممّا يعالجه القرآن هنا ..
__________________
(١ ، ٢) مناجات المريدين / مفاتيح الجنان ص (١٢٤) .