(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ)
إنّه في حالة الرخاء والنعمة يعرض عن ذكر الله ، ويتجنّب الداعين الى الله ، بجعل جانبه مواجها لهم ، ثم يتولّى عنهم.
(وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ)
وأمّا إذا أصابه شرّ فإنّه يعتكف في المسجد ليبدأ مرحلة التبتّل والدعاء ، وهذا التوجّه الى الدعاء العريض من بعد ذلك الإعراض دليل ضعفه عن مواجهة المشاكل ، ومعرفته بأنّ الله هو المتفضّل بالنعمة عليه ، ولكنّه لضيق نفسه ومحدودية استيعابه تاه في غرور النعمة ، وفقد سيطرته عليها ، وجعلها حجابا بينه وبين الله.
وهذا الإنسان الذي تتحدّث الآية عنه قد يكون هو أنا وأنت ونحن ، لذلك لا بد أن نعي وننتبه ، لا بد أن نعقل ونحذر.
[٥٢] بعد أن ألقى السياق الضوء على مدى العجز والفاقة والمسكنة التي أركست فيها نفس الإنسان حتى تراها تتأثّر حتى التطرّف بالمؤثّرات الخارجية ، ممّا يهديه على سفاهة الكبر ويحسّسه بضرورة العودة الى فطرته في التسليم لربها ، بعدئذ أخذ يذكّره بضرورة أخذ الحيطة لنفسه ، وقال :
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ)
أي لو كان القرآن حقّا ثم كفرتم به ، ولم تقوموا بالاحتياط الكافي لأنفسكم ، فإنّكم سوف تصبحون في ضلال بعيد عن جادّة الحق.
إنّ الإنسان يبحث فطريّا عن الأمن ، ولو لا الكبر الذي انطوت نفسه عليه