حتى قال (ص) :
«ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت»
فلا شكر أفضل من محبة أهل بيته الذين يحملون ذات الرسالة ويبلّغونها للناس .. وهكذا يكون أجر الرسالة في مصلحة الناس أنفسهم ، ولهذا قال ربّنا سبحانه : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) .
ولأنّ البعض لم يستوعبوا هذه الحكمة تكلّفوا في تفسير الآية بما لا يتناسب وسياقها ، فقالوا : لأنّ نبيّنا (ص) كان من أوسط قريش نسبا ، وكانت له قرابة في أكثر قبائلها ، فقد سألهم أن يودّوه لأجل قرابته معهم ، وقد نقل هذا التفسير عن ابن عباس في الحديث التالي :
«إنّ رسول الله (ص) كان واسط النسب في قريش ، ليس بطن من بطونهم إلّا وقد ولدوه فقال الله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) على ما أدعوكم اليه (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) تودّوني لقرابتي منكم ، وتحفظوني بها» (١)
وعندي أنّ هذه النصوص لا تصلح تفسيرا للقرآن للأسباب التالية :
١ ـ إنّ الآية من محكمات الذكر التي لا تدع شكّا في معناها لمن تدبّر فيها وفي سياقها من الآيات ، والمحكم لا ريب فيه ، ولا يجوز أن نتحوّل عنه اعتمادا على الحديث.
٢ ـ إنّ دعوة الرسول كانت خالصة لله وطاهرة من كلّ قيمة مادية وعصبية عشائرية فكيف يدعو قومه لاتباعه باسم العصبية ولأنّه ينتسب إليهم ، فهل تصلح
__________________
(١) المصدر / ص (٦) .