لداعية من سائر الدعاة اليوم أن يدعو ابنه إلى اتباعه لأنّه أبوه مثلا ، أو يدعو عشيرته لقبول الإسلام لأنّه قريب نسبيّا إليهم ، وأكثر الأنبياء كانوا من بني قومهم ، فلما ذا لا نجد مثل هذا الكلام من أيّ واحد منهم ، وإنّما نجد الجميع يؤكّدون بأنّهم لا يطالبون من قومهم أجرا.
٣ ـ إنّ الجملة (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) حسب تلك النصوص لا تبدو متناسقة ، فما هي العلاقة بين أجر الرسالة وبين قبول الدعوة بسبب المودة في القربى ، أليس هذا يشابه كلام من يأمر بالصلاة ويقول : لا أسألكم أجرا إلّا أن تصلّوا لأنّي أخوكم؟!
ولعدم تناسق المعنى نجد الذين يذهبون الى هذا الرأي يختارون في كيفية ربط معنى الأجر بفكرة قرابة الرسول مع قريش.
٤ ـ وأخيرا إنّ الأحاديث التي رويت في تفسير الآية بمودة آل بيت الرسول أكثر عددا ، وأقوى سندا ، وأشد تماسكا ، لو قسناها بالروايات الأخرى التي لا تماسك بينها ، إذ أنّها مختلفة اختلافا كبيرا ، بينما تفسّر الآية بهذا المعنى ، أو بأنّ الرسول طالبهم بطاعة الله (علينا أن نبحث إذا عن كيفية استفادة ذلك من كلمة المودة في القربى) أو فسّرها بأن تودّوا الله ، وأن تتقرّبوا إليه بطاعته. (١)
وبتفصيل أكثر :
الروايات التي وردت عبر مختلف الفرق الإسلامية حول تفسير هذه الآية بآل البيت تبلغ أكثر من (٤٤) حديثا ، روي زهاء (١٩) منها عن طريق أهل البيت (ع) وفي كتب شيعتهم (٢) وروي (٢٦) حديثا من سائر كتب الحديث.
__________________
(١) المصدر.
(٢) راجع تفسير نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٧٠ ـ ٥٧٦) .