ومثل حديث الثقلين المجمع عليه :
«إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي»
إلّا أنّ النصوص التي استفاضت بها كتب التفسير والحديث والتاريخ هي التي تبيّن فضيلة حبّ أهل البيت ، لأنّ الحب أعظم درجة من الطاعة ، فقد تطيع شخصا مكرها ، ولكن إذا أحببته فإنّ طاعتك له تكون أيسر وأسمى ، ألا ترى كيف أنّ الله يصف أفضل عباده (وهم حزبه المفلحون) بأنّهم يحبّون الله ويحبّهم الله فيقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) .
بلى. حبّ الله أسمى درجات الإيمان ، وحبّ الرسول وأهل بيته أسمى درجات التسليم للحق والتمسك بحبل الله ، وبالتالي أفضل ضمان للوحدة.
ثالثا : لماذا المودّة بالذات؟
ويستدرجنا السياق الى السؤال الثالث : لماذا أمرنا السياق هنا بالمودة للقربى بينما كلمة الطاعة أكثر صراحة وأقرب الى حسم الخلاف؟ ولعلّ الإجابة الصحيحة تلخّص في أمرين :
أوّلا : لأنّ جذر الاختلاف بين الناس كامن في القلب ، وأعظم أسبابه الحب والبغض ، فالكبر والحسد والعصبيات القبلية والقومية والسياسية والأحقاد المتوارثة والجهالات العقيمة هي وراء أكثر الاختلافات ، وإذا لم تزكّ القلوب من آثارها فإنّ الخلاف لا يقضى عليه حتى في إطار الأهداف الواحدة والمصالح المشتركة.
وممّا يساهم في تصفية جزء كبير من أمراض القلب حبّ أولياء الله حيث يغمر نوره القلوب فيفيض حتى يشمل طائفة المحبّين جميعا.