ليبقى ذكره العطر فوّاحا في كلّ عصر ، ولكي يتحقّق بالتالي ما بشّر ربّنا به الرسول حين قال : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) ، ونهر أعداءه حين قال : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ، فهذه سلالة الرسول تزيّن مجالس المسلمين في كلّ عصر.
بلى. ولكن ليس هذا سبب اختيارهم قادة ، لأنّه ليس كلّ من انتسب الى الرسول (ص) يصلح للإمامة ، إنّما كان أشخاص معيّنون بالصفات والأمثال اجتباهم الله لإمامة المسلمين ، وأشارت إليهم الآيات ، وذكرتهم النصوص ، وكانوا هم الأقربون الى رسول الله نهجا وسلوكا ، قبل أن يكونوا الأقربين إليه نسبا وصهرا ، وهم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وحين نستقرأ كتب التاريخ والحديث لمختلف الفرق الإسلامية نجدها تؤكّد بأنّ أقرب الناس خلقا وخلقا وعلما وعملا الى رسول الله (ص) هم أهل بيته الذين نزلت فيهم الآية ، وسمّاهم الرسول اسما اسما ، كما سبق في النصوص المتقدّمة ، وليس كل من انتسب الى رسول الله بنسب الدم والقرابة.
فإذا أكرمنا الصّدّيقة فاطمة الزهراء فليس فقط لأنّها بنت رسول الله (وللبنت كرامتها) وإنّما القيمة المثلى فيها هي أنّها الصّدّيقة الكبرى التي جسّدت رسالة النبي في حياتها ، وكذلك الإمام علي (ع) ، فنحن لا نكرم العباس عمّ النبي بقدر ما نكرم ابن عمّه عليّ بن أبي طالب لأنه الأقرب إليه نهجا وسلوكا.
وكذلك أولاد علي عليه السلام ، فله سبعة عشر ولدا نكرم بينهم الإمامين الحسن والحسين ليس فقط لأنّهما سبطي رسول الله وابني فاطمة الزهراء ، بل لأنّهما سيّدا شباب أهل الجنة بما قدّماه للإسلام من عطاء .. ومن هنا ننطلق الى الحلقة الثانية وهم الأقرب الى خط الرسول (ص) من أصحابه ، والأقرب الى خط الإمام علي (ع) من أصحابه ، والأقرب الى خط الحسن والحسين وفاطمة الزهراء والأئمة