(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً)
إنّه لقول عظيم ، كيف ينسبون الى رسول الله الصادق الأمين الكذب ، وبالذات حين يتمثّل في الافتراء على الله ، وهم يعرفون مدى تفانيه في الله؟
ثم هل من المعقول أن يدع الله رسوله الذي اختاره بعلم ، وأسبغ عليه نعمة الرسالة ، وأولاه بالنصر ، وأظهر على يده الآيات ، هل يدعه يتقوّل عليه؟! كلّا .. إنّه إن يشأ يعاقبه ، وأبسط العقاب هو سلب رسالته منه ، بأن يختم على قلبه فلا يكاد يعرف شيئا.
(فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ)
ونستوحي من الاية : إنّ من يفتري على الله يعاقبه الله بالختم على قلبه ، فيسلبه حلاوة مناجاته ، ولذّة التقرّب إليه.
ومن سنن الله في الحياة إزهاق الباطل ، وإحقاق الحق .. وهذا دليل على أنّ رسالة الله حق ، ورسوله صادق أمين.
(وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ)
إنّ من أدلّة صحة الرسالة أنّ كلمات الله في القرآن ليست من أجل الرسول أو من أجل قومه وعشيرته أو مصالحه ، أو مصالح فئة معيّنة ، إنّما من أجل الحق ، تتطابق مع السنن الجارية في الخلق ، فهي باقية ، بينما الثقافات الأخرى تنتهي حينما تزول عوامل نشوئها ، فإذا كانت ناشئة الطبقية أو العنصرية أو القومية زالت حين تتبدّل الدولة الحاكمة ، وإذا كانت ناشئة الخرافات والجهالات والعصبيّات زالت بزوالها ، وهكذا ترى كلمات الله في القرآن لا تؤثّر فيها المتغيّرات أنّى كانت ،