(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ)
وإنّما تقدّم ذكر الاستجابة لله ، وإقامة الصلاة بشروطها ، لأنّهما ضرورتان لكي تكون الشورى ذات فاعلية إيجابية في المجتمع.
وهناك ثلاث نظريّات في الشورى :
الأولى : تقول بأنّ الشورى «حق» ، والثانية : ترى أنّها «واجب» ، وتجمع الثالثة بين النظريتين ، وبالذات في المسائل العامة التي تتعلق بمصير الأمة وشؤونها ، فعلى ضوء هذه النظرية لا يجوز لحاكم الشرع ولو كان الفقيه العادل أن يجري الأمور في إدارته للأمّة كما يريد ، وإنّما يجب عليه أن يستشير الآخرين ، ويجمع علمهم وعقلهم الى ما عنده ، ثم يتخذ القرار على أساس هذه المشورة ، كما يجب من جهة أخرى على الآخرين أن ينصحوه ، ومن أبرز الواجبات الإسلامية النصيحة لوليّ الأمر .. وهكذا روي عن الرسول (ص) :
«ما من رجل يشاور أحدا إلّا هدي الى الرشد»
ولأنّ الشورى انعكاس لروح الإيمان فهي تتسع لسائر مرافق حياة الجماعة المؤمنة ، ابتداء من الأسرة ، وانتهاء بالدولة ، ومرورا بالمرافق الاجتماعية والاقتصادية ، والشؤون البلدية والقروية. إنّها أكثر من مجرد نظام سياسي ، بل تشكّل جوهر العلاقة بين المؤمن وأخيه المؤمن ، لأنّها نابعة من احترام المؤمن ورأيه ثم التسليم للحق ، والبحث عنه أنّى وجد.
وحين تكون الشورى صبغة المجتمع المسلم تضمن حرية الرأي ، وحقّ الانتخاب ، وواجب المساهمة في صنع القرار السياسي ، بل وتكون كلّ هذه المفاهيم ذات هدف مقدّس.