ولقد رسم الدين منهج الحكم في قيادة أولى الناس بالنبي (ص) ، وهم الأكثر علما والأتقى عملا والأكفاء إدارة ، وجعل على الناس واجب التعرّف على هذا القائد ، وانتخابه حاكما عليهم ، فإذا فعلوا وجبت طاعته ضمن إطار المشورة.
فجاء في الحديث الشريف :
«من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا لهواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فعلى العوام أن يقلّدوه»
«أنظروا الى رجل منكم قد روى حديثنا ، وعرف حلالنا وحرامنا ، فاجعلوه حكما فإنّي قد جعلته حاكما»
وبهذا يتكفّل الإسلام حرية الرأي في انتخاب أعلى قيادة في الأمة (بالطبع ضمن الإطار الديني للمجتمع) ولكن لا ينتهي دور الأمّة عند هذا الحد بل يجب على الإمام آنئذ استشارة الأمّة ، ثم العزم على رأي والتوكّل على الله في تنفيذه ، كما قال ربّنا : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (١)
وهكذا كان يفعل النبي (ص) والأئمة من أهل بيته حسبما روى معمّر بن خلّاد عن الإمام الرضا (ع) قال :
«هلك مولى لأبي الحسن الرضا يقال له سعد فقال : أشر عليّ برجل له فضل وأمانة ، فقلت : أنا أشير عليك؟ فقال شبه المغضب : إنّ رسول الله كان يستشير أصحابه ثم يعزم على ما يريد الله» (٢)
إنّ الرأي الأخير يكون للقائد المنتحب الذي يجتهد في سبيل استنباطه من قيم
__________________
(١) آل عمران / (١٥٩) .
(٢) موسوعة بحار الأنوار / ج (٧٢) ص (١٠١) .