إنّهم ينصر بعضهم بعضا في هذه المقاومة ، فإذا سعى الظالم للبغي عليهم وقهرهم وقفوا جميعهم صفّا واحدا ضدّه .. ويتساءل البعض : لماذا أمرنا الله ـ إذا ـ بالعفو في آيات عديدة؟ والجواب : إنّ التعافي إنّما هو بين المؤمنين ، أمّا إذا كان العفو سببا لتمادي الظالم في ظلمه فإنّه لا يكون حسنا ، جاء في الحديث المأثور عن الإمام زين العابدين (ص) :
«وحقّ من أساءك أن تعفو عنه ، وإن علمت أنّ العفو يضر انتصرت ، قال الله تعالى :وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ» (١) .
[٤٠] وحيث توجد بعض الجوانب السلبية في نفس الإنسان ، فإذا به وهو يجاهد لمقاومة الظالم يصبح أظلم منه ، أو ينشر الفساد والبغي تحت راية المقاومة ، أكدّ القرآن على ضرورة التقوى في المقاومة ، وأن لا يتعدّى المؤمنون حدود الله في جهادهم للظلم والظالمين ، بل ويدعوهم للعفو والإصلاح ما استطاعوا إليه سبيلا.
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)
فالمقابلة مشروعة ولكنّها محدودة بالتماثل إذ قال ربّنا : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (٢)
وهذا التأكيد من قبل الله على التماثل مهم جدا ، لأنّ النفس البشرية تزلزلها ردّات الفعل وتخرجها من حدّ المعقول ، فإذا بالضربة الواحدة تقابل عندها بعشر ضربات مثلها تشفيا وانتقاما وعلوّا واستكبارا ، وهذه المعادلة مرفوضة بتاتا في كتاب الله.
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) ص (٥٨٥) .
(٢) البقرة / (١٩٤) .