علاقاته الداخلية فضيلة التعافي والإيثار ، ويدّخر قوّته وغضبه لمقاومة الظالمين والجبابرة.
وما أحوجنا اليوم ونحن نعيش ظروف الصراع مع أعداء الدّين الى التعافي بيننا ، ولو عرفنا ما في العفو من ثواب عظيم لاستصغرت في أعيننا المكاسب الجزئية التي ترتجى من صراعنا الداخلي أو انتصارنا من بعضنا البعض ، هكذا جاء في الحديث المأثور عن الإمام الصادق (ع) قال : قال رسول الله (ص) :
«عليكم بالعفو ، فإنّ العفو لا يزيد العبد إلّا عزّا ، فتعافوا يعزّكم الله» (١)
ولعلّ العزّة تأتي عبر انتصارهم على عدوّهم بما يوفّره التعافي عن بعضهم من التماسك الداخلي ، وربما تشير الرواية التالية الى هذه الحقيقة ، إذ تقول (نقلا عن الإمام أبي الحسن (ع)) :
«ما التقت فئتان قط إلّا نصر الله أعظمهما عفوا» (٢)
[٤١] وينقض القرآن جانبا من الأفكار السلبية التي ينشرها البعض في الأمّة ، من قبيل أنّ مقاومة الظالمين والثورة ضدّ الانحراف هي السبب في اضطّراب الأوضاع وانحسار الأمن ، بينما السبب هو ظلم السلطة الحاكمة وانحرافها ، فالظلم هو السبب في انعدام الأمن ، وليس ردّ الظلم من قبل المجاهدين.
(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)
فلا يجوز إذن أن نلقي باللوم عليهم ، لأنّهم يطالبون بحقوقهم المشروعة ، وبهذا
__________________
(١) المصدر.
(٢) موسوعة بحار الأنوار / ج (٦٨) ص (٤٢٤) .