لذلك ونحن نسعى لتنظيم أنفسنا وأمورنا استعدادا لمحاربة العدو.
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)
والعزم في الأمور هو أن لا يأخذ الإنسان الأمور مأخذا هيّنا دون التخطيط الدقيق لها والسيطرة عليها ، بل الحسم والإرادة القوية لتحقيق الأهداف المنشودة ، بعيدا عن روح التشفّي ، وذلك لا يتأتّى إلّا بالصبر والحلم.
ويبدو أنّ هذه الآيات وبالذات الأخيرة منها تهدف ـ فيما تهدف ـ تربية نفوس المؤمنين على مقاومة الترف والتعجّل وفورات الغضب التي تصيبهم في لحظات الضعف فتذهب بحلمهم وأناتهم ورفقهم وتلطّفهم ، وربما كشفت عن واقعهم ، وأفسدت خططهم الرسالية.
بينما حاجة المؤمنين الى الصبر بانتظار اللحظة المناسبة حاجة مضاعفة ، من أجل ذلك أوصى أئمة الهدى المجاهدين ضد الطاغوت بكظمهم الغيظ ، واعتبروا ذلك من الحزم الذي يساهم في نجاح المهمات الصعبة.
قال الإمام الصادق (ع) :
«كظم الغيظ من العدو في دولاتهم تقية (تقاة) حزم لمن أخذ به ، وتحرّز عن التعرّض للبلاء في الدنيا ، ومعاندة الأعداء في دولاتهم ، ومماظتهم (١) في غير تقية ترك لأمر الله ، فجاملوا الناس يسمن ذلك لكم عندهم (٢) ولا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذلّوا» (٣)
__________________
(١) المماظة : شدة الخلق والمنازعة.
(٢) اي ينمي قدركم عندهم.
(٣) المصدر / ص (٤٩) .