كان جبرئيل إذا أتى النبي قعد بين يديه قعدة العبد ، وكان يدخل حتى يستأذنه (١)
من هنا فإنّ برحاء الوحي إنّما كانت تنتاب النبي عند ما يتمّ تجلّي الله له بالوحي المباشر ، وليس عند ما يبعث إليه رسولا من عنده (وهو جبرئيل عليه السلام) الذي كان يتمثّل في أجمل صورة وهو صورة دحية الكلبي المعروف بصباحة وجهه ، ولم ينزل عليه بصورته الأصليّة إلّا مرّتين ، حسب بعض النصوص .. ماذا كانت برحاء الوحي ، ولماذا؟
روي أنّه كان إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويّ كدويّ النحل.
وروي أنّه كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وانّ جبينه يتفصّد عرقا. (٢)
وروي أنّه كان إذا نزل عليه كرب لذلك ، ويربدّ وجهه ، ونكس وجهه ونكس أصحابه رؤوسهم منه. (٣)
وفي الحديث أنّه أوحي اليه وهو على ناقته ، فبركت ووضعت جرانها (٤) فما تستطيع أن تتحرّك ، وأنّ عثمان كان يكتب للنبي (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ) ... الآية وفخذ النبي على فخذ عثمان فجاء ابن أمّ مكتوم ، فقال يا رسول الله : إنّ بي من العذر ما ترى ، فغشيه الوحي ، فثقلت فخذه على فخذ عثمان ، حتى قال : خشيت أن ترضّها فانزل الله سبحانه : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (٥)
__________________
(١) المصدر.
(٢) أي إذا انتهى عنه الوحي تصبّب عرقا.
(٣) المصدر / ص (٢٦١) .
(٤) مقدّم العنق.
(٥) المصدر / ص (٤٦٤) .