وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)
وهكذا يبدو أنّ الروح ـ كما العقل والإرادة ـ هو نور إلهي ينزله الله على قلب من يشاء من عباده ، ليشبع فيه سكينة الإيمان ، ونور اليقين ، وسداد التوفيق ، وكلمة التقوى والعصمة.
وقد أعطى ربّنا المؤمنين من عباده درجة من هذا الروح وهو روح الإيمان والتقوى ، بينما أكمل لنبيّه محمد وآله عليه وعليهم السلام درجات هذا الروح ، وأبلغهم درجة اليقين التامّ والعصمة.
ولو لا هذا الروح لم يكن يعرف الأنبياء أنّ ما ينقر في آذانهم أو يقذف في أفئدتهم أو تراه أبصارهم هو من عند الله وليس من نزغات الشياطين أو أوهام النفس.
كما أنّه لو لا نور العقل لم يقدر الإنسان على التمييز بين الحق والباطل ، بين ما تراه عينه من ماء وما يترائى له من سراب.
ولو لا روح القدس لم يهزم النبي الشيطان كليّا ، كما أنّه لو لا روح الإيمان لم يتغلّب المؤمن على الشيطان في الأغلب.
وبتعبير آخر : بروح القدس تتكامل نفس النبي حتى تستعد لتلقّي وحي الله ، كما بالعقل تتكامل نفس سائر البشر لتلقّي المعارف والعلوم. إنّه إذا الجانب المتّصل بالنبي من الوحي ، بينما الرسالة هي الجانب المتصل بالحق الذي يوحى ، وكلاهما من الله سبحانه ، ولهذا جاءت كلمة الروح هنا بعد الوحي ، وكأنّه أوحي به بينما هو من أمر الله ، وبه يسود النبي لتلقّي الوحي.