التي تعطي الشرعية لسائر القيم.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ)
كانت رسالة إبراهيم ـ عليه وعلى نبيّنا وآله السلام ـ موجهة ضد استمرارية الأمر الواقع ، ضد عبادة الآباء ، وتقديس شرعهم ومعتقداتهم وتاريخهم ، لذلك قال لأبيه : إنّني براء مما تعبدون من دون الله. ويعتبر هذا من أهمّ ما يتميّز به إبراهيم الخليل من بين سائر الرسل.
[٢٧] وبتبرّء إبراهيم (ع) مما عبده آباؤه ، قطع صلاته بهم ، واختط لنفسه ولآله من بعده خطّا جديدا نظيفا هو التوحيد.
(إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)
فولاؤه ـ عليه السلام ـ لربّه الذي فطره وخلقه ، وليس لآبائه ، رغم كونه ولد منهم لأنّهم لم يكونوا سوى سبب ، وإذا كان الأمر كذلك فإن فاطره أولى بهدايته منهم.
[٢٨] (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
أي جعل كلمة الرفض والبراءة مما يعبد الآباء باقية في عقبه لعلّهم يرجعون إليها من الانحراف ، ولم يجعل إبراهيم عليه السلام نفسه رمزا باقيا يتّبع ويطاع ، لأنّ العصور تختلف ، وإنّما كان إبراهيم نذيرا ، وإنّه لا بد أن يكون لكلّ قوم هاد ولكلّ عصر إمام.
وهكذا نستوحي فكرة من هذه الآية وآيات أخرى أنّ الأجيال التي تأتي بعد نهضة مباركة ينبغي أن يستفيدوا منها تجربة النهوض دون أن يعطوها كلّ الشرعية ،