ويحوّلوها الى عقبة في طريق التطوير والتجديد ، أو يجعلوها كهف الهروب من الواقع ومسئولياته الثقيلة ، كلّا .. إنّ لكل جيل نهضته التي تأتي ضد وضع فاسد يختلف عن ذلك الوضع الذي نهض السابقون ضده.
وهكذا فسّرت هذه الآية في النصوص الدينية بالإمامة ، فجاء في حديث مأثور عن هشام عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ أنّه قال : «إنّما هي جارية في عقب الحسين (عليه السلام) كما قال الله عزّ وجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ثم هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب الى يوم القيامة» (١)
[٢٩ ـ ٣٠] وفي مقابل إبراهيم (ع) وذريته من بعده الكفّار الذين يتقلّبون في نعم الله مما دعاهم الى الكفر وهكذا انقسم أبناء إبراهيم فريقين : فريق منهم حمّله أمانة الرسالة ، وجعل فيه كلمة الإمامة ، لعلّ الآخرين يجعلونهم مرجعا لهم في شؤون دينهم ودنياهم ، أمّا الفريق الآخر (وهم الأغلب) فقد ابتلاهم الله بالنعم فأترفوا فيها.
(بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ* وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ)
لما ناموا على حرير النعم ، واطمأنّوا إليها رفضوا أيّ فكرة جديدة ، وقالوا : هذا سحر ، ونحن كافرون به.
كانوا يحسبون أنّ هذه المتع التي متّعهم ربّهم بها دليل صلاحهم ، ولكن قد تكون المتع والنعم استدراجا منه سبحانه ، قال تعالى :
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٤ ص ٥٩٦