(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (١) وقال عزّ وجل : (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٢) .
وربما تعني الآية أنّ الله متّعهم حتى إذا جاءهم الحق ورسول مبين كذّبوا به اعتمادا على النعم ، حيث يعزو القرآن في آيات كثيرة التكذيب بالرسل الى الإتراف ، كما سبق في الآية (٢٣) حيث رأينا كيف قاد المترفون الناس الى التكذيب بالرسل ، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نعرف الصلة بين هذه الآية والآيات التالية التي تتحدث عن المترفين.
ولكن هل النعم دليل صلاح أصحابها؟ كلّا .. بل قد يكون بلاء أو استدراجا ، جاء عن أمير المؤمنين (ع) :
١ ـ «يا ابن آدم إذا رأيت ربّك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره»
٢ ـ «كم من مستدرج بالإحسان إليه ، ومغرور بالستر عليه ، ومفتون بحسن القول فيه ، وما ابتلى الله أحدا بمثل الإملاء له» .
٣ ـ «أيّها الناس! ليراكم الله في النعمة وجلين كما يراكم في النقمة فرقين ، إنّه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا ، ومن ضيّق عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختبارا فقد ضيّع مأمولا» (٣)
ولكن لماذا يتهم الكفّار الرسل بالسحر؟ لأنّ الرسالات التي يأتي بها الرسل كانت قريبة من قلوبهم وعقولهم وعواطفهم ، وكانوا ينجذبون إليها ، ولكنّهم لم
__________________
(١) آل عمران / ١٧٨.
(٢) الأعراف / ١٨٣.
(٣) بحار الأنوار / ج ٧٣ ـ ص ٣٨٣.