يريدوا الإيمان بها ، ففسّروها بالسحر ، لأنّه يجذب الفرد من حيث لا يدري ، ولكن جهلوا الفرق الكبير بين رسالة الحق والسحر الباطل ، فأثر السحر وقتي يزول بزوال المؤثّر ، وهذا ليس في الرسالة ، كما أنّ الرسالة تطلب منك موقفا وأنت في كامل وعيك ، وانطلاقا من عقلك ، بعكس ما هو عليه السحر فأنت مجبور على سلوك معيّن بتأثير السحر ، ولا يفلح الساحر بينما صاحب الرسالة منصور من عند الله ، ونتساءل : كيف قالوا بأنّ الرسالة سحر ، وقد كانوا يتوسّلون بالسحر في بعض الأحيان؟ يبدو أن السحر كان مبغوضا عندهم ، وإنّما يتوسّلون به أحيانا عند الحاجة.
[٣١] لماذا يكفر بالرسالات الإلهيّة المترفون؟ لأنّهم اتبعوا ما أترفوا فيه ، وضاعت عنهم الموازين الحق ، ومسخت شخصياتهم الإنسانية ، فلم يعودوا يملكون مقاييس سليمة لمعرفة الحقائق ، فقاسوا كلّ شيء بميزان الماديات ، وهكذا زعموا أنّ رسالة الله لا بد أن تنزل على كبار المترفين ، أو ليس قد خصّهم الله بنعمة الغنى حبّا لهم وإكراما لمقامهم ، إذا فهم أحقّ بنعمة الرسالة.
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)
جاء في النصوص الدينية عن تفسير هذه الآية عن الإمام العسكري (ع) عن أبيه قال :
إنّ رسول الله (ص) كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة ، إذ قال له عبد الله بن أميّة المخزومي : لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجلّ من فيما بيننا مالا ، وأحسنه حالا ، فهلّا نزل هذا القرآن ، الذي تزعم أنّ الله أنزله عليك ، وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم : إمّا الوليد بن المغيرة بمكة ، وإمّا عروة بن مسعود الثقفي بالطائف ، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أمّا قولك :