في أنفسهم.
(وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ)
كيف نادى كلّ أهل مصر الذين كانوا قومه؟ هل جمع الملأ منهم فنادى فيهم؟ أم أنّه بثّ الشائعات عبر أجهزة إعلامه ، ووسائل دعايته ، كالسحرة والكهنة ومن أشبه؟ لعلّ هذا أقرب الى معنى النداء في قومه ، حيث يظهر أنّه أبلغ كلّ قومه بكلامه هذا.
(قالَ يا قَوْمِ)
فأثار فيهم النخوة والعصبية حيث ناداهم بأنهم قومه.
(أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)
وهكذا احتجّ عليهم بأنّه ملكهم الشرعي فلا بدّ من طاعته. أو ليس يملك القوة والمنعة؟ ثم احتجّ عليهم بأنّه يملك ناصية القدرة الاقتصادية أيضا ، قائلا :
(وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي)
فهو المنظّم للريّ الذي بأمره تجري الأنهار المتفرّعة من النيل ، والتي قيل بأنّها كانت تبلغ (٣٦٠) كم ، وكانت تروي منها زراعتهم.
وقد قالوا : إنّ الحضارة النهريّة تدعو الى النظم والاستقرار أكثر من غيرها ، لأنّ حياة أهلها قائمة على حسن توزيع المياه. ولعلّ السياق يشير الى ذلك حيث لمّح فرعون بأنّ الرسالة تهدّد الناظم الذي يهيّأ توزيع المياه ، ولذلك قال المفسّرون إنّ معنى «من تحتي» هو بأمري وسلطتي ، وهو تعبير بالغ الروعة.
ولا ريب أنّ الإصلاح في المجتمعات المستقرّة كذلك المجتمع أشدّ صعوبة.