(أَفَلا تُبْصِرُونَ)
لماذا لم يقل : أفلا تعقلون ، أو تتفكرون؟ لأنّه يدعوهم الى رؤية الظاهر ، أمّا إذا دعاهم للتفكير فسوف يكتشفون بأنّه ليس سوى بشر عادي مثلهم ، وإنّما سيطر عليهم بجهلهم. ولو عقلوا لعرفوا أنّ ملك مصر لله ثم لمن عمّرها ، وأنّ فرعون يستحقّ منهم أشدّ العذاب على استغلالهم ماليّا ، والتسلّط عليهم سياسيّا ، بلا تخويل منهم ، ولا تفويض من عند الله ، فكيف يطالبهم بأجر ، ويمنّ عليهم ، لأنّه طغى عليهم ، وانتهب ثرواتهم؟!!
[٥٢] ثم استهزأ برسول الله إليهم ، وأخذ يقيّم حقائق رسالات ربّ العالمين بالمعيار المادي ، وكيف أنّ موسى (ع) مستضعف ، وأنّه لا يفصح قولا ، ولا يملك شرفا.
(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ)
مستضعف ، وراعي غنم. لا ذكر له. وهذه عادة الطغاة أن يستصغروا الرسل والدعاة الى الله ، فلقد سمعنا قصة إبراهيم وقومه لمّا جعل الأصنام جذاذا حين قالوا تصغيرا : «سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ» (١) .
[٥٣] ثم أخذ يقيس موسى (ع) بما يملكه من ثروة أو سلطة ، وهكذا يقيس الجاهليّون الناس بالغنى والقوّة ، لا بالصلاح والخير.
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ)
الأسورة جمع السوار.
(أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ)