الى الكتمان إلّا من يجاهد الطغاة؟!
إنّ البعض يجعل كلمة التقية بديلا عن العمل والتحرك في ظروف القمع والإرهاب ، ولكنّه لا يتحرّك حتى في الظروف المناسبة ، ومثال ذلك الكثير من الشعوب التي ترفض التجاوب مع الحركات الرسالية وتعلّل ذلك بوجود الإرهاب ، ولكنّها ترفض الجهاد حتى في المهجر حيث لا إرهاب ولا شرطة.
إنّ (التقاة) حقّا هي أن تحافظ على نفسك وتحركك الجهادي بعيدا عن سطوة الظالم في ظلّ الإرهاب ، لتحتفظ بقوتك ليوم الصراع.
وهكذا كان مؤمن آل فرعون (حزقيل) يكتم إيمانه ، ويتحرّك في ظلّ توجيهات القيادة الرسالية ، منتظرا الساعة المناسبة لتفجير الصراع مع الطاغوت ، وها قد حلّ أوانها حيث جمع فرعون وزراءه وأنصاره وقوات جيشه وسحرته ليقرّروا قتل موسى (ع) ، فاستبسل من بينهم وتحدّى الظلم والظالمين ليضرب لنا مثلا صادقا عن التقية التي يرتضيها الله تعالى ، وهي النابعة من الإيمان والإرادة والتخطيط والعمل ، وليست الناتجة عن خور العزيمة وخوف الإنسان وحبّه للراحة. فهي إذن تمهيد للتحدي ، وجمع للقوى ، لتفجير الصراع في وقته المناسب.
وهكذا استطاع مؤمن آل فرعون تعويق مؤامرات فرعون التي استهدفت قتل موسى عليه السلام ، وبذلك وفى ربّنا عهده لرسوله الأمين بنصره وتأييده.
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ)
فهو من جهة تحدّى فرعون ، ومن جهة أخرى طالب من حوله باتباعه ، وهكذا ينبغي للرساليين أن يثقوا برسالتهم في الحياة ، وأن يطرحوا أنفسهم قادة للناس بديلا عن القيادات الفاسدة.