[٣٩] وحيث شخّص المؤمن جذر الانحراف ونقطة الضعف التي تدعوهم للالتفاف حول فرعون واتباعه وهي المادية التي تتجسّد في اللهث وراء حطام الدنيا ، ذكّرهم بالآخرة التي تتميّز عن الدنيا بنوعيّة نعيمها الأفضل ، بينما الدنيا بما فيها تشبه المتاع الذي يأخذه المسافر معه وهو قليل ومحدود ، كما أكّد على مفارقة أخرى هامّة هي : انّ نعيم الآخرة دائم لا ينتهي حيث يلغى فيها حساب الزمن ، بينما الدنيا محدودة جدّا.
(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ)
وهل يختار العاقل تلك على هذه؟!! كلّا ..
[٤٠] ويمضي المؤمن في بيان معالم ثقافته الرسالية رغبة منه في إنقاذ الناس من ضلالات الطاغوت ، قائلا :
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها)
عدالة ورحمة من الله بعباده ، ولعلّه أراد من ذلك فضح سياسة فرعون القائمة على الظلم والجور.
(وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ)
فالمقياس عند الله هو العمل ، أمّا التمايزات المادية والظاهرية ـ التي تقرها الأنظمة البشرية الفاسدة ـ فلا معنى لها أبدا. بلى. هناك أمر واحد يرتكز عليه العمل فلا يقبل إلّا به وهو الإيمان. والذين يتوفّر لديهم هذان الشرطان (العمل+ الايمان) هم الذين يدخلون الجنة.
(فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ)