ونستوحي من هذه الآية كما من آيات أخرى أنّ مجرد التسليم لما لا يعلم الإنسان يقينا ان الله أمره به شرك.
وقد خلق الله الإنسان عبدا له لا لغيره ، ولم يأذن له بأن يتنازل عن حريته لأحد أبدا ، بل فرض عليه مقاومة من يريد سلب حريته والاعتداء على حرمة استقلاله ، واعتبر مجرد التسليم للطاغية شركا ، وإنّ الشرك لظلم عظيم.
أمّا دعوة الحق فهي الى الله :
(وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ)
فبعزته يهيمن علينا ويفرض سلطانه ، وبمغفرته يقبل التوبة عن عباده المسرفين ، الذين طالما سكتوا عن جرائم الطاغوت ، وغدوا يأكلون رزق الله ويعبدون عدوّه ، كما قبل توبة السحرة.
[٤٣] لا ريب أنّ البشر ـ أنّى سخر القوى المادية ـ يحيط به الضعف من كل جهة ، فهو محكوم بسنن الله ، وإنّما يسعى للطغيان لعلّه يخفّف عن ضعفه ، لعلّه يمنع عن نفسه المرض والشيخوخة والموت ، فهو أضعف من أن يمنح الآخرين قوّة ..
وهكذا فهو ليس جديرا بالدعوة إليه.
(لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ)
انها مجرّد خرافات وأوهام وأماني وغرور.
وتفسير كلمة «لا جرم» حرفيّا : لا قطع ، وتعني أنّه لا أحد قادر على قطع هذا الكلام أو نقضه ، فهو كلام حق ، وقد استخدمها مؤمن آل فرعون لمزيد من الثقة بهذه الحقيقة ، ولتحدّى حالة الخوف والرغبة عند أنصار فرعون الذين فقدوا كلّ