فيما بقي .. قال الله عزّ وجلّ في المؤمن من آل فرعون : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) .
والتفويض خمسة (أي أنّها خمس كلمات) لكلّ حرف منها حكم ، فمن أتى بأحكامه فقد أتى به ، «التاء» من تركه التدبير في الدنيا ، و «الفاء» من فناء كلّ همّة غير الله تعالى ، و «الواو» من وفاء العهد وتصديق الوعد ، و «الياء» اليأس من نفسك واليقين من ربّك ، و «الضاد» من الضمير الصافي لله والضرورة إليه ، والمفوّض لا يصبح إلّا سالما من جميع الآفات ، ولا يمسي إلّا معافى بدينه (١)
[٤٥] وحين فوّض حزقيل أمره الى الله ، تولّاه ربّ العزة بأحسن وجه ، فحفظه من مكر آل فرعون ، بينما أحاط بهم سوء العذاب.
(فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا)
جاء في بعض التفاسير أنّه التحق بموسى (ع) وعبر البحر معه الى برّ الأمان ، وقال البعض : إنّه اعتصم ببعض الجبال وسخر الله الوحوش للدفاع عنه. (٢)
وجاء في حديثين عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ انّ عاقبة أمر حزقيل كانت الشهادة ، وأنّ الله سبحانه إنّما وقى دينه عن مكر أولئك المفسدين ..
قال : «والله لقد قطّعوه إربا إربا ، ولكن وقاه الله عزّ وجلّ أن يفتنوه عن دينه» (٣)
بلى. قد يختار ربّنا هذه الخاتمة الحسنى لبعض الدعاة إليه حين يعرف أنّ ذلك
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٤ ص ٥٢٠.
(٢) عن مجمع البيان عند تفسير الآية.
(٣) نور الثقلين / ج ٤ ـ ص ٥٢١.